مراسل "معاريف" يسأل عن سادات جديد في باريس3

27-01-2007

مراسل "معاريف" يسأل عن سادات جديد في باريس3

في ختام «باريس 3» طرح مراسل «معاريف» على الأمير سعود الفيصل سؤالاً: لماذا لا يقوم من بينكم «سادات» جديد يزور القدس ويرسي سلاماً دائماً مع اسرائيل؟
إنهم يبحثون عن «سادات» آخر.
والمفارقة انهم مقتنعون بأن المرشحين كُثٌر, وبأن الوقت قد آن لعقد صلح او سلام استسلامي... هكذا بكل بساطة.
اما فلسطين والجولان والقدس وشبعا وعودة اللاجئين فمسائل قابلة للنقاش على الطريقة الاسرائيلية في «إعادة الحقوق».
وينسون أن الحروب الفلسطينية ­ اليهودية, والعربية ­ الاسرائيلية, منذ اكثر من ثمانية عقود لم تكن مجرّد مصادفة, وان قيام اسرائيل الدولة في حد ذاته اغتصاب لأرض وتاريخ ومستقبل, وكل التسويات التي أعقبت هذا الاغتصاب لن تبدّل شيئاً من هذه الحقيقة.
وينسون ان المئة سنة التي انقضت, منذ قرر برلمان الحركة الصهيونية ان يكون لليهود «وطن قومي» في فلسطين, مجرّد فاصل زمني قصير لن يقدم ولن يؤخر في طبيعة الصراع, وان الآلة الحربية الاسرائيلية قد تتفوّق لجيل او جيلين او اكثر, لكن الأجيال المقبلة كفيلة بانجاب قيادات جديدة وبناء قوة عربية جديدة تعيد الحق الى نصابه.
الصراع قائم ومتواصل ولو تأخر النصر, واذا كان السادات «ظاهرة» مغرية فان صلاح الدين بدوره ظاهرة, و«سايكس بيكو» ووعد بلفور, والهجرة اليهودية, ومؤتمر سان ريمو, والتواطؤ البريطاني, والتواطؤ الدولي في انشاء الكيان الصهيوني وتحصينه... وكل اشكال الحروب التي خسرها العرب, لن تمحو من الذاكرة العربية جوهر الصراع وطبيعته, وابعاد المطامع الغربية في النفط العربي والثروات العربية, والدور الاسرائيلي في حماية هذه المطامع.
لكنهم يبحثون عن «سادات» آخر, ولهذا البحث ما يبرّره.
الفلسطينيون منهكون. آخر الدراسات تقول إن 89 بالمئة من «عرب اسرائيل» في الدرجات الدنيا من السلم الاقتصادي ­ الاجتماعي, وان اكثر من نصف الفلسطينيين في الضفة وغزة جائعون.
وايام الحداد الفلسطينية اكثر من عدد ايام السنة, والذين لا يسقطون برصاص الجيش يسقطون برصاص الأهل والأخوة.
والعراق مثخن بجروحه بعدما تحوّل الى «مطحنة» حقيقية لأبنائه, ومشروع تقسيمي للمنطقة كلها, تحت عناوين متعددة: الشرق الاوسط الجديد, الفوضى الخلاقة, والحروب الوقائية ضد الارهاب.
ولبنان بدوره ينزلق الى «العرقنة» بسرعة مذهلة, وقد برهن اللبنانيون, معارضين وموالين, على انهم متفوّقون في الانتحارات واستحضار حروب الأمس والاعداد لحروب جديدة على مساحة الوطن, يقول عنها الرئيس نبيه بري انها سوف تقود اذا هي استكملت الى البحث عن «الوطن» في مقابر التاريخ.
والأسبوع الذي مضى كان ­ بصورة خاصة ­ حافلاً بكل اشكال الجنون.
بعض شوارع العاصمة تحوّل الى «شوارع غزاوية» بكل معنى الكلمة, والبعض الآخر تحوّل الى «شوارع بغدادية», واللبنانيون الذين ينامون بعين واحدة باتوا يأرقون في الليل كما في النهار خوفاً من كوارث الأيام الآتية.
في مثل هذه الظروف اليائسة لماذا لا يبحث الاسرائيليون عن «سادات» آخر؟
لقد تحوّل العرب طوال الفترة التي أعقبت الاستقلالات الى مشروع هزيمة دائمة, والحكام الذين يجلدون شعوبهم يعملون من حيث يدرون او لا يدرون على تأمين التفوّق الاسرائيلي الذي يشكل القاعدة الاستراتيجية للتدخلات الخارجية في شؤون المنطقة, وبوابة العبور المشرعة على الاستعمارات القديمة والجديدة, والهيمنات السياسية والاقتصادية على حد سواء.
وما دمنا نتقاتل باسم الأنبياء والرسل, وكلهم من هذا القتال ابرياء, ونستسيغ ان نلعق دماءنا, فمن الطبيعي ان تشعر اسرائيل انها قادرة على تقرير مصائرنا, وأن يشعر الغرب انه يستطيع ان يبيعنا ويشترينا في اسواق الكساد.
«السادات الآخر» الذي يبحث عنه مراسل «معاريف» بين الذين حضروا «باريس 3», هو نحن ولو تعددت وجوهنا وانتماءاتنا واشكالنا.
انه «نحن» في غزة وبغداد وبيروت وعلى امتداد القارة العربية.


فؤاد حبيقة
 المصدر : الكفاح العربي
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...