الأصول الآرامية للكلمات المحكية في العامية الدمشقية

09-10-2023

الأصول الآرامية للكلمات المحكية في العامية الدمشقية

موسى الدمشقي:

إن اللغة الآرامية كما هو الحال بالنسبة لبقية اللغات في الشرق القديم هي نتيجة تطور وتفاعل ثقافي وحضاري ضمن المنطقة نفسها، أما مسألة الوفود من الخارج خصوصا في الألف الثالث فلا يفسر شيئا على الإطلاق بل يزيد من تعقيد المسائل التاريخية المتعلقة بالمنطقة، وقد توصل اليوم معظم علماء الساميات إلى عكس فرضية الهجرة القديمة من شبه الجزيرة، فقالوا بالهجرات المعاكسة أي التي تمت من منطقة الهلال الخصيب نحو مناطق شبه الجزيرة العربية وذلك في أواخر البرونز المبكر وبواكير البرونز الوسيط (انظر توضيحا للفكرة : فراس السواح. دمشق 1995).
وفي حوالي الألف الأول قبل الميلاد بدأت اللغة الآرامية تتطغى على بقية أخواتها في المنطقة، وفي أثناء السيطرة الفارسية التي امتدت مابين غرب آسيا وصولا الى الهند، أصبحت الآرامية السريانية اللغة الرسمية للإمبراطورية، وقد وضع ماني في الفترة الساسانية جميع كتبه ومنها كتابه الشارح على الزرادشتية : “الزند” وهو قرآن المانوية باللغة السريانية (راجع : ابن النديم –الفهرست) وغير هذا ما لا يتسع المقام لذكره هنا، على كل حال وبعد مضي أكثر من ألفي عام اضطربت المنطقة فيها اضطرابا لا نجد له مثيلا في مناطق أخرى من العالم، وبعد ان دخلتها من الثقافات واللغات ما يفوق العد، بقيت الكثير من معالم وآثار الآرامية واضحة وجلية في لغتنا العامية الدمشقية المحكية، وفيما يلي نقدم غيضا من فيض الكلمات التي لا تزال متداولة حتى اليوم، ولا ننسى أن قواعد الصرف في معظمها بقيت على حالها الأصلي دون مساس، ومن ذلك وضع الاسم قبل الفعل، فنقول : فلان قال ، بدل من قال فلان على القاعدة العربية، كذلك تسكين كاف المخاطب مثل :
منّكْ
بدل
مِنكَ
وهذه بعض المفردات والأسماء الآرامية في عامية دمشق والتي تعود على الأقل لثلاثة آلاف عام من الآن.
مع الملاحظة انه ليس بالضرورة أن تكون المقاطع الهجائية تلفظ أو تكتب بنفس الطريقة بالآرامية، فقد ينقص بعض الكلمات في آخرها حرف الواو، أو الألف، لكنها كمادة هي آرامية دون استثناء، ويمكن لأي باحث إيجادها والعشرات مما ما ورد هنا، في المعاجم السريانية والآرامية :
أ ل و ه : ألوه = إليه ، له.
أ ت غ ن د ر : أتغندر- غندرة= تبختر – تمايل في مشيته.
أ ز ا : أزا = ظرف زمان بمعنى (إذا – حينئذ) العربيتان.
إ ي د : إيد = يد.
ب ك ي ر – ب ك ر ا : بكِّير = باكرا : بكرا = بمعنى غدا أو من صباح غد.
ا ب ت ل ش : ابتلش – انبلش = ابتلي. تحرش.
ب ر ا : برا = في الخارج.
ب ر ا ن ي : براني = الخارجي وكذلك الحال بالنسبة لكلمة “جواني” (مع الملاحظة أن كلمات مثل : رباني روحاني ..الخ بنون زائدة في الاسم هي شاذة في العربية ودخيلة عليها، وانما أصولها المتفق عليها هي سريانية آرامية.)
د ب ح : دبح = ذبح. وقد تأتي في بعض اللغات السامية بصيغة : زبح .
د ق ر : دقَّر (الباب مثلا) = أقفله
د ق ر : دقر ( دأر) = لمس .
د ق ن : دقن = مجمع اللحيين من الأسفل.
د ع ك : دعك = عجن.
ه د س – ه و د س : هدس، هودس = فكر، التفكير العميق بشيء ما ربما.
ج و هـ : جوَّه = في الداخل، في الوسط.
ج ب : جُب = بئر (وقد وردت كلمات سريانية غيرها في القرآن كانت مستعملة على نطاق واسع في الجزيرة العربية آنذاك مثل أيضا كلمة : ر ح م ن : رحمن = رحيم، و رحمن هي بالسريانية والعبرية ومعظم السامية.)
ش ن و : شنّو = إذا أداة شرط.
ز ف ر : زفر = قذر
و ا و ا = واوا = ألم.
د ب ح : دبح = ذبح. – و دبح في صيغة المضارع في الأوجاريتية.
دهـ ب : دهب = الذهب.
دي ب و : ديبو = ذئب.
ز ب و ن : زبون = مشتري. ( وقد عربت والآن جمعها زبائن في العربية.)
ز ر ي ع ة : زريعة = الأرض أو الأحواض المزروعة.
ح ج ر ا : حجرا/ة : الحجر.
ح و ج/ش : حوج أو حوش = منطقة.
ح ز هـ – ح ز ي هـ : حزي/هـ – يرى – و في العرافة والنظر.
ح ي ل ك : حيلك = قوتك بأسك جيشك …الخ
ح ص ر – ح ص ي ر : حصير = عشب مجفف ، ومن ذلك حصر القش وغيره.
ط ر ش : طرَّش = لطخ (طرشه بالمي مثلا)
ط ا س ه : طاسة = وعاء.
ط ب : طب، جيد- حسن.
ي ا م و : يامو = أمي ، يا أمي.
ك ن ن : كنّ = يأتي بمعنى : اثبت – اهدأ – وهو في الأوغاريتية كذلك.
ك ل : كل = كل : سامي مشترك.
ك ل هـ : كلّـا = كُلها.
ك ل هـ و : كلهو / كلو؟= كله.
ك ل ه ن : كلهن، تجب الاشارة هنا الى أنه لا تستعمل النون هنا لجمع المؤنث، بل ستأتي كما في العامية : كلهون كلكون كلون = بمعنى (كلهم ) أو (جميعكم) العربيتان.
ك ف ر : كفر = قرية صغيرة، ناحية.( كفر سوسه = قرية السوس الصغيرة.)
ك م ش : كمش = قبض – أمسك بـ.
ك ر ت : كرت = سيأتي بمعنى الاعتراف ، وحاليا تم تذكيره وتأنيثه بالعامية : كر : أر ، كرِت ، أرِّت .
ك ت ب ت : كتبت = كتبتُ
لِـ : لام الملكية = سامي مشترك.
ل أ : لأ= لا النافية.
ل ح م هـ : لحمّه = بمعنى إلتحم ، التلحيم .
ل ع ي : لعي = يستخدم للدلالة على الكلام السيء
ل ق ط : لقط = جمع، وفي الاستخدام الشائع يأتي بمعنى : قبض أو أسر ، وكذلك ورد في السبئية.
ل ط ي – لطا : لطي = اختبئ
ي م ح أ : يمّحِئ = يضرب يؤذى .
م ي : مي = ماء.
م ر ت ي : مرتي = زوجتي، سيدتي.
ي ب ع : يبع (بعبعة) = يثرثر.
ن ب ش : نبش = حفر.
ن ك ش : نكش = كشف ، حفر.
م ن ت و ش : منتوش = ممزق .
ع ت ي ق : عتيق = قديم ( و من فرط استعمالها في العربية التبس على البعض أصلها لا سيما بعض المؤرخين الأشاوس).
ن ا ط و ر : ناطور = حارس
ن د ر : ندر = نذَرَ.
ن ت ع – ي ن ت ع : نتع – ينتع = يتجر ، تسحب.
ن هـ ش : نهش = عض.
س م ي د : سميد = لب الحنطة.
س ك ر : سكَّر = أغلق.
ع د : عد = حتى، و يستعمل اليوم بعبارة النفي (ماعد..)
ع ي ن ي : عيني = عيناي (و بالطبع أصله في العامية للإشارة للعينين وليس عين واحدة في القول : على عيني مثلا)
ع ل : علّ = على ( وفي العامية الدمشقية في الغالب لا تلفظ ألف في نهاية المقطع في “على” كـ : رايح عل البيت مثلا)
ع ل ي ت هـ : عليته = أعاليه.أو حتى : عليه في صيغة الدلال.
ع ل ي م ي : عل يمي = على أيامي.. تستعمل في الآرامية للدلالة على (أيام الشباب)
ع م ل ه : عمله/ة = تستخدم للدلالة على مصيبة أو عمل خاطئ ( واليوم تستعمل في اطار المعاتبة كالقول مثلا : الله يسامحك على هل العملِه…الخ)
ف ش ش : فشش = فتح، أزل (واليوم تستخدم بمعنى : أفضى بما يعتمل في صدره : فش قلبه مثلا)
ف ر ش خ : فرشخ = باعد ما بين قدميه.
ف ش ر : فشر = كذب ، أو بمعنى خسئ مثلا.
ف ش خ : فشخ = / / أو سارع في مشيته.
ف ر م : فرم = قطع.
ف ص ف ص: فصفص = جرد القشرة عن اللب مثلا، أو نزع اللحم من العظم.
ق ا ت و ل ي : قاتولي = مميت.
ق ا ق : قاق = غراب.
ق ر م ي ة – ق ر م ة : قرمية- قرمة = أصل النبتة .
ق و م : قوم = قُمْ.
ش و ب: شوب = الحر الشديد.
ت و را : تورا = ثور.
ت ف ر ك ش : تفركش = تعثر.
ت ف ش ك ل : تفشكل = اصطدم.
س م ع : سمع = يسمع يصغي (وهنا لا بد من الاشارة أن استخدامها حاليا يتم بصيغة الأمر للمجموع في البيئة الشعبية جدا.
ي ت س م ع : يتسمع = يستمع، وهنا تستخدم على وزن (يتفعل) وهي مستخدمة بشكل كامل في العامية.
س ن ح/ه : سنح = نوم ، (سنحو = نيمو)؟
ش ق ف : شقف- شقفة = هشم – قطعة.
ش ف ت و هـ : شفتوه = شفتاه ، شفاهه. وفي الأوغاريتية : ش ف ت .
ت ق ل : تقل = ثقل، وكذلك أتى في الأوغاريتية والسريانية ، أما في الفينيقة والعبرية والآرامية الدولية والأكادية فعرف هكذا : ش ق ل : شيقل ، وهي وحدة وزن تعادل (16) غرام تقريبا.
ش و ر ا : شورا : السور ، في السريانية وهو اسم ناحية في دمشق، كذلك ، ثورا في السريانية أو تورا : اسم فرع نهري، ومعناه الثور.
ش ر – ش ر ي : شرَ = اطلق، حرر ( وهو يستخدم اليوم ربما للإشارة للتسرب المائي أو ما شابه) وأصله الجذر س ر ي/ ش ر ي، في الاوغاريتية.
ش ر ن : شرنّ = والمقصود هو الحمار البري، لكن يستخدم في البيئة الشعبية دلالة على الفجاجة (شرن، شرنة).
ش ر ش : شرش = أصل، جذر، سلالة ، نسل.
ت ن و ر : تنور = تنور.
ت ن و ر ا : تنورا/ تنورة = لباس معروف، و في الوقت الراهن يخص به النساء دون الرجال.
ر ي س : ريّس = رئيس.
ش ب ط : شبط = جرح- ضرب.
ش ر و ا ل : شروال = سروال – بنطلون.
ش ح ا : شحّا = ها هي
ش ح و : شحّو = ها هو.
ش ل ح : شلح = نزع ثيابه.
ش ل ف : شلف = رمى – نزع؟
د را ب ز ون : درابوزن = قوائم حديدية غالبا.
ز ف ت ا : زفت = القار.
مع استثناء أسماء المناطق في سوريا و لبنان وفلسطين وحتى العراق، التي في معظمها آرامية سريانية، و من ذلك مستقر العرب الرئيسي بعد الفتح في بلاد العراق وهي الكوفة ، كوفا : الشوكة بالآرامية.
وهذا يفتح الباب لتساؤلات لا تنتهي: هل تحدثت سوريا، اللغة العربية الفصحى ذات تاريخ؟فلنأتي على مسألة الاختلاط بالوافدين، وهي المسألة الأخطر على الإطلاق، خصوصا أن الأعداد كانت هائلة مما أدى لأن يتقاسم الناس بيوتهم مع أولئك الوافدين، وهو عائد بطبيعة الحال لقرار أصدره خالد بن الوليد بعد الفتح مباشرة (راجع تواريخ ابني عساكر وكثير) هذا بالإضافة لنسبة كبيرة من النازحين (انتظر دراسة مخصصة نعرض فيها لتفاصيل الفتح العربي وهي دراسة مقارنة بين كل من المصادر العربية والمصادر السريانية والبيزنطية) رحلوا فور دخول جيش المسلمين، ومسألة البيوت المشتركة بقيت خصوصا في الناحية الشرقية من دمشق حتى القرن المنصرم (وهذا في ذمة بعض الكبار في السن من منطقتي باب توما و باب شرقي وقد أخبروني ذلك في أثناء قيامي ببحث ميداني أجريته) لكن المشكلة تكمن وهي مشكلة على مستوى فضيحة تاريخية أن الوافدين ما كانوا يتحدثون العربية الفصحى تماما ، بل كانوا يقلبون الهمزات إلى ياء في كل كلمة مهمزة مثل :
تًوضَّأتُ
=
تَوَظيت
بالإضافة لقلب الضاد ظاء كما في المثال الآنف.
و غالبية لهجات الوافدين أيضا تقلب (القاف) إلى (كَاف ) الفارسية واليمينة، حتى أن السيد جعفر بن محمد الصادق الإمام الشيعي المعروف كان يحث أتباعه على تبديل القاف بالكاف في القراءات، لأن بذلك كان قد نزل القرآن، كما يقول.
كذلك بالنسبة للفعل المضارع، فقد كان يتم كسر الحرف الأول كما هو في اللهجات البدوية اليوم :
تَعلَم
=
تِعلَم
وأيضا يستخدمون : إيش ، بدلا عن (ماذا)، فيقولون مثلا :
إيش تِريدْ؟
بدلا عن :
ماذا تُريد؟
أو : منو ، بدلا عن : من هو، أو من أنت …الخ وهناك أمثلة لا عد لها ولا حصر .
وهذا طبيعي فالفصحى التي هي لغة أدبية وثقافية، لا تصلح للتداول، ولا نتصور أبدا أن يستخدمها سواد الناس لمعاملاتهم اليومية، وهي وكما وصلت إلينا الآن ناتجة عن عملية طويلة من التحديث بالنسبة للقواعد، والتعريب بالنسبة للمفردات، ومن الواضح تماما أن كلا من الترجمات واللهجات المختلفة ومن ثم دخولها في المعمعة العلمية في العصور الحديثة، بالجملة كانت وراء دخول العربية في مرحلة انتقالية بين التدوين والخطابة بطور السجع، إلى النثرية التي نتداولها اليوم على مستوى الثقافة، فإن كانت العربية اليوم هي خليط بين مفردات مستمدة من هذه السامية أو تلك، إضافة لمفرداتها الأصلية، كذلك قد استعارت رسم أحرفها من أخواتها، وقد أخذت الحركات أيضا من هناك، فلِملا ندعوها اليوم بـ(السامية الجديدة) بدلا عن العربية الفصحى؟؟؟
 

إعداد علي القيم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...