183 سنة مفقودة من تاريخ الاسلام
بقلم الدكتور نزار الحيذري:
بقلم الدكتور نزار الحيذري:
تقول الأساطير المسيحية إن “فرسان الهيكل” أخفوا الكأس المقدسة التي استخدمها المسيح في العشاء الأخير، في صندوق خشبي كبير يحوي كنزاً من العملات الذهبية، ودفنوه تحت جنح الظلام في إحدى الآبار إبان الفتح الإسلامي للقدس، بصفتهم حراساً لهذه الكأس وعددٍ من المقتنيات الدينية التي تعود للمسيح.
وبحسب الحكاية، فقد جفت البئر دون أن تترك أي أثر للكنز الذي قد يكون تعرض للسرقة أو فقد إلى الأبد.
ساد مفهوم الولاء والبراء حتى تدخَّل في العقيدة، وأصبح ركنًا من أركان العقيدة: (عقيدة الولاء والبراء)، ومن ينكره يُتهم بالكفر، ومقتضى هذا المفهوم ألّا نوالي سوى المسلم، ونبرأ من كل غير المسلمين، نبرأ من أشخاصهم، وأعمالهم، وحبهم، وصداقتهم، وتأييدهم! باختصار هو إعلان قطيعة مع غير المسلم!
الولاء والبراء في الجاهلية
يأتي التعريف الكلاسيكي لعلم الكلام مُوَضِّحًا أنَّه العلم الذي يدافع عن العقيدة بالحجة العقلية؛ لذا حمل هذا العلمُ داخلَه تجسيدًا للصراع المذهبي بين الفرق الإسلاميَّةِ نفسِها وبين تلك الفرق والأديان والمِلَلِ المُخالفة للإسلام، وحاولتْ كلُّ فرقة في خِضَمِّ هذا الصراع الذي لا ينتهي بيان مدى أحقِّيَتِها بملكيَّةِ حقيقةِ العبادة، وأن تصوُّرَها عن الإله هو التصوُّر الصحيح.
مقدمة
ربما تعتقد الآن أنك مستيقظٌ، أي أنك لست نائمًا تحلم، لكن هل تعلم يقينًا أنّك لست في حلم؟طرح الفيلسوف الفرنسي المشهور رينيه ديكارت (1596- 1650) سؤالًا مشابهًا لهذا في بداية كتابه “تأملات في الفلسفة الأولى”، وقد أجاب بأنه ليس متيقنًا من كونه يحلم أم لا، وبما أنه لا يعلم ذلك يقينًا، فلا يمكن لمعتقداته التي تلقاها عن طريق الحواس أن تبلغ مستوى المعرفة.
يرى د. أحمد سالم أننا نعيشُ في مجتمعاتٍ تراثيَّة يحكمها الماضي؛ فما زال السلفُ يحكمون حاضرَنا من قبورِهم رغمَ مجاوزة الزمان إياهم. لقد رضي العقل المسلمُ المعاصرُ أن يقدِّمَ استقالتَه لعقله، وارتضى السلفَ حاكمًا ومفكِّرًا عنه!
فَهِم البعضُ أن غاية العبادة هي إجهاد العبد، لذلك كلما زدنا المشقة زاد الثواب، واستدلوا بقول النبي لعائشة: “أجرُكِ على قدر نصبكِ -أي تعبك-“، وحين أراد بنو سلمة الانتقال جوار المسجد النبوي نهاهم النبي وقال لهم: “إن لكم بكل خطوة درجة”، وكان النبي تتورم قدماه من العبادة، ولا يخفى على أحدٍ عبادة الصالحين وما بها من مشقة.
وقال لي أحد الشيوخ أنه يتوضأ بماء بارد في الشتاء مع توفرِ الماء الساخن، ويذهب لأبعد مسجد بدلًا من المجاور طمعًا في زيادة الأجر، وحين يُخَيَّر بين الأيسر والأصعب يختار الأصعبَ طمعًا في الثواب الأكبر، ويقلل من استهلاكه للرخص!
الإسلام الحركي مصطلح تمييز لجزء كبير من أدبيات وممارسات تنظيمات الإسلام السياسي عن أدبيات وممارسات «العوام» وأي آخر -بالنسبة لهم- للإسلام، بغرض تفعيل «زعم» الموديل الإسلامي، الإسلامي الحركي قد يكون تنظيميًا أو غير تنظيمي تقيةً أو غير تنظيمي فعليًا.
يقول هربرت سبنسر (1820-1903م): إن الأديان على قدر اختلافها في عقائدها المعلنة تتفق ضمنيًا في إيمانها بأن وجود الكون هو سرٌّ يتطلب التفسير”.
ولما كان مآل ذلك في أغلب الأحيان إلى الاعتقاد بالألوهية، كان لهذه الأخيرة عدة مضامين من بينها اليقين بوجود الله هو أساس كل شيء وبادئه، أما عن دليل وجوده الاستدلالي الذي تجلى في الفكر الأسطوري والديني والفلسفي فأهمها هو الدليل الكوني (الكوسومولوجي، العلية، السببية)، وقد قال به عدة فلاسفة -أهمهم أرسطو (384-322ق.م)- حين تحدثوا عن الإله المسبب الأول أو كما يشاء القول الآلهة أو العقل الخالق، حيث ينص هذا الدليل على أن:
الدكتور عبود عبد الله العسكري مؤلّف هذا الكتاب أستاذ جامعي سوري يقوم بتدريس مادة التصوّف في كلّية الآداب، قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية بجامعة حلب، وهو باحث في الفلسفة الإسلامية وبخاصة الفكر الصوفي.