نتنياهو يجر المنطقة إلى حرب إقليمية إنقاذاً لمستقبله؟

08-08-2024

نتنياهو يجر المنطقة إلى حرب إقليمية إنقاذاً لمستقبله؟

لم يعد السؤال مطروحًا حول ما إذا كان حزب الله والإيرانيون سيردون على اغتيال القيادي العسكري البارز في حزب الله، فؤاد شكر (المعروف بالسيد محسن)، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران الأسبوع الماضي.

الرد بات مؤكدًا، لكن كيفية وتوقيت الرد “متروكان للميدان”، حسب مصادر حزب الله. نفذت “إسرائيل” عمليتي الاغتيال بفارق زمني لا يتعدى الست ساعات. الأولى تم تبنيها، بينما بقيت الثانية مجهولة ـ معلومة.

مهما كان المبرر الإسرائيلي، سواء تحت عنوان “حادثة مجدل شمس” أم “طوفان الأقصى”، فإن كل عملية تتطلب جهدًا استخباريًا وأمنيًا ولوجستيًا دقيقًا، ما يعني أن التحضيرات كانت جاهزة مسبقًا، بانتظار القرار السياسي للتنفيذ.

رئيس حكومة “إسرائيل”، بنيامين نتنياهو، يدرك جيدًا خطورة هاتين العمليتين، ويعرف أنهما تتجاوزان كل الخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك التي سادت في الأشهر العشرة الماضية. فلماذا اتخذ هذا القرار الخطير؟

لنبدأ من زيارة نتنياهو الاحتفالية إلى واشنطن، حيث كانت كلمته أمام الكونغرس جزءًا من التحضير السياسي لتنفيذ القرار.

رغم الانقسام السياسي الأمريكي بشأن المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية، إلا أن نتنياهو لمس تأييدًا أمريكيًا كبيرًا له، مقدماً نفسه وجيشه كخط الدفاع الأول عن الولايات المتحدة ضد إيران وحلفائها في المنطقة.

وأشار إلى أنه إذا انهارت “إسرائيل”، ستجد أمريكا نفسها تقاتل إيران مباشرة.

الديموقراطيون الذين قاطعوا جلسة الكونغرس، بما فيهم المرشحة كامالا هاريس، دعوا نتنياهو للموافقة على خطة جو بايدن لوقف إطلاق النار، لكن دعوتهم كانت خجولة.

يعرف نتنياهو أنه إذا تعرضت “إسرائيل” لأي هجوم، سينضم منتقدوه إلى جانبه، وسيتبخر الانقسام الأمريكي، وسيتوحد الجمهوريون والديمقراطيون دعماً لـ”إسرائيل”.

أي استدراج لنتنياهو من جانب محور المقاومة لشن هجوم شامل على “إسرائيل” سيعيد توحيد الصفوف الأمريكية خلفه، ويجمع حلفاء أمريكا في المنطقة إلى جانبه.

هجوم متزامن من إيران، حزب الله، الحشد الشعبي العراقي، وحركة “أنصار الله” اليمنية هو ما يريده نتنياهو ليعود إلى لعب دور الضحية ويجر أمريكا إلى حرب إقليمية قد تنقذ مستقبله السياسي.

النتيجة التي يتوخاها نتنياهو من عمليتي الاغتيال، إلى جانب تصفية قائدين بارزين، هي استدراج إيران ومحور المقاومة إلى حرب شاملة تعيد خلط الأوراق وتساعده في تجاوز المأزق الذي يواجهه جيشه في غزة.

بهذه الطريقة، سيعيد تصوير “إسرائيل” كضحية تدافع عن نفسها بعد تشويه صورتها أمام الرأي العام الدولي جراء المجازر ضد الفلسطينيين.

كما سيتجاهل الجميع أنه كان يعرقل مفاوضات وقف إطلاق النار عندما اغتال إسماعيل هنية، المفاوض الفلسطيني الأول.

اغتيال إسماعيل هنية شكل صفعة كبيرة لإيران، إذ تم بعد ساعات من مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد ولقائه بالمرشد الأعلى علي خامنئي.

“إسرائيل” قتلت هنية تحت عباءة خامنئي، مما وصفه السيد حسن نصرالله بأنه جريمة تمس شرف إيران. واعتبر نصرالله أن اغتيال فؤاد شكر كان عدوانًا على بيروت واعتداءً على المدنيين، واغتيالًا لقائد رفيع المستوى في المقاومة.

من الواضح أن محور المقاومة سيرد، لكن السؤال هو متى وكيف؟ تحتاج إيران لرد يتناسب مع حجم جريمة اغتيال هنية، مما يجعل تل أبيب هدفًا محتملاً، سواء بضربة عسكرية على مستوى مقر الحرس الثوري الذي قتل فيه هنية أو بموقع سياسي يعادل المستوى الذي يمثله هنية.

أي رد لن يكون دون المستوى المطلوب للإهانة التي تعرضت لها القيادة الإيرانية.

بالنسبة لحزب الله، من المتوقع أن يكون الرد إما باغتيال مسؤول عسكري رفيع أو بتدمير قاعدة عسكرية استراتيجية لإسرائيل، مع إمكانية التنسيق مع حماس لاستهداف مسؤولين إسرائيليين في تل أبيب.

يبقى السؤال ما إذا كانت قوى محور المقاومة ستشن هجماتها في وقت واحد أو ستترك لكل طرف الخيار في تحديد توقيت هجومه.

هجوم متزامن هو ما يريده نتنياهو، ليعود إلى لعب دور الضحية ويجر أمريكا إلى حرب إقليمية قد تنقذ مستقبله السياسي.

180 بوست

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...